ألمانيا تدعو لترحيل طالبي اللجوء إلى دول آمنة مجاورة لأوطانهم

ألمانيا تدعو لترحيل طالبي اللجوء إلى دول آمنة مجاورة لأوطانهم
وزير الداخلية الألماني ألكسندر دوبريندت

طالب وزير الداخلية الألماني ألكسندر دوبريندت، السبت، دول الاتحاد الأوروبي بالتوصل إلى توافق شامل حول ملف الهجرة، وذلك عبر إنشاء آلية قانونية تسمح بإرسال طالبي اللجوء المرفوضين إلى دول آمنة قريبة من بلدانهم الأصلية.

وشدد دوبريندت، في تصريحات أدلى بها خلال مقابلة مع صحيفة "فيلت آم زونتاغ"، على ضرورة اعتماد ما سمّاه بـ"نهج الدول الثالثة"، موضحاً أن هذا الحل لن يكون قابلاً للتنفيذ ما لم يتم التوصل إلى توافق سياسي على مستوى التكتل الأوروبي، وقال: "نحن بحاجة إلى دول ثالثة مستعدة لاستقبال المهاجرين الذين لا يمكن إعادتهم إلى أوطانهم".

وكشفت تصريحات الوزير الألماني عن تزايد الدعم الأوروبي لفكرة تقليص استقبال اللاجئين عبر ممرات الهجرة التقليدية، وسط انقسام داخلي بشأن مقترح المفوضية الأوروبية الأخير الذي يسمح للدول الأعضاء برفض طلبات اللجوء المقدمة من أشخاص مرّوا عبر دول ثالثة "آمنة" قبل الوصول إلى أوروبا.

رفض حقوقي للمقترح

ورفضت عدة جماعات حقوقية المقترحات الأوروبية الجديدة، معتبرة أنها تتنافى ومبادئ الحماية الدولية، خصوصاً في حال ترحيل طالبي اللجوء إلى دول لا توفر ضمانات قانونية كافية أو أنظمة لجوء شفافة، فيما لم يعتمد البرلمان الأوروبي أو حكومات الدول الأعضاء -حتى الآن- الخطة المثيرة للجدل.

وأكد دوبريندت أن بلاده تعمل حاليًا على وضع أسس متينة لمبادرة دولية أوسع، لكنه شدد على أن أي تحرك من هذا النوع "لا يمكن أن تقوم به دولة عضو بمفردها، بل يجب أن يحدث على مستوى الاتحاد الأوروبي بالكامل".

وفعّل الوزير الألماني سياسة رقابة مشددة على الحدود بعد ساعات فقط من تسلمه منصبه مطلع مايو الجاري، حيث أمر بإعادة طالبي اللجوء من على الحدود الألمانية، باستثناء الفئات الضعيفة مثل النساء الحوامل والأطفال، وهو ما أثار حفيظة بعض دول الجوار التي عدت الإجراءات أحادية الجانب.

ووصف دوبريندت ردود الفعل الإقليمية بأنها جزء من "تأثير الدومينو"، مؤكداً أن عدة دول مجاورة سارعت إلى تشديد حدودها أيضًا بعد القرار الألماني. 

تراجع أعداد طلبات اللجوء

ردًا على انتقادات بولندا وسويسرا، قال الوزير: "يجب ألا ننسى الدول التي دعمت نهجنا، مثل فرنسا والدنمارك والنمسا والتشيك، التي رأت في السياسة السابقة عاملاً جاذبًا للهجرة غير النظامية نحو ألمانيا".

وأشاد الوزير بتراجع أعداد طلبات اللجوء الجديدة عند الحدود الألمانية، معدًّا ذلك دليلاً على نجاح سياسة الردع التي تبنتها الحكومة الجديدة، وأضاف: "ألمانيا لم تعد مكانًا مضمونًا للدخول حتى لمن يطلب اللجوء، وهذا يخفف الضغط عن دول العبور المجاورة".

وتعثّرت خطط مشابهة في أوروبا خلال الأشهر الماضية، أبرزها المبادرة الإيطالية بنقل طالبي اللجوء الذين تم إنقاذهم من البحر إلى ألبانيا، والتي واجهت طعونًا قانونية عطّلت تنفيذها حتى الآن.

وألغى رئيس الوزراء البريطاني الجديد كير ستارمر خطة الحكومة المحافظة السابقة التي كانت تنص على ترحيل طالبي اللجوء غير النظاميين إلى رواندا، مؤكدًا رفضه لتلك السياسات، رغم أن بريطانيا ليست جزءًا من الاتحاد الأوروبي.

وانقسم الاتحاد الأوروبي بين دول تؤيد النهج الجديد لترحيل اللاجئين إلى دول ثالثة كوسيلة لإدارة تدفقات الهجرة، وبين دول تعارض الخطط لما تحمله من تهديدات قانونية وأخلاقية تتعلق بحقوق الإنسان والمبادئ الدولية الخاصة بحماية اللاجئين.

تساؤلات إنسانية 

أثارت هذه السياسات موجة تحذيرات من منظمات دولية مثل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، التي شددت على أهمية احترام مبدأ "عدم الإعادة القسرية" الذي يُعدّ حجر الزاوية في القانون الدولي للجوء.

ودعت المنظمات إلى ضرورة توفير مسارات آمنة وقانونية لطالبي الحماية، بدلًا من ترحيلهم إلى دول لا تضمن سلامتهم أو تفتقر إلى بنى تحتية قانونية وإنسانية تؤهلها لاستقبالهم، وهو ما يشكل نقطة خلاف مركزية في الخطاب الأوروبي حول الهجرة.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية